Breaking News

اللغةالأمازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي لماذا المناور ؟....



اللغةالأمازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي، لكن بعد سنتين من إقرار ذلك لا زالت في مربع التهميش والإقصاء ولا شئ يدل على أن للمغرب لغتين رسميتين، ولعل كما قال أحد أعدائها أن من ذكاء واضعي الدستور ربط الأمازيغية بالقوانين التنظيمية، وفي الحقيقة اليوم بالذات نتبين جيدا مقلب ترسيم الأمازيغية بالمغرب. ففي الوقت الذي طال فيه انتظار الأمازيغ لتفعيل ترسيم الأمازيغية خرجت مفاجأة من وزراة الثقافة ووزارة الإتصال تتعلق بمشروع قانون لحماية اللغة العربية، سيبرمج في نفس الوقت مع مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية،وذلك رغم أن المخطط التشريعي ليس فيه أي ذكر لدلك القانون، ورغم أن الدستور لم يتحدث عن أي قانون تنظيمي للعربية، لتكتمل خيوط مؤامرة ربط الأمازيغية بالقانون التنظيمي، بإضافة قانون حماية اللغة العربية، فالدولة المغربية لم تكن في حاجة أبدا للربط بين ترسيم الأمازيغية والقوانين التنظيمية بل كل ما كان يجب أن يرد في الدستور المغربي هو عبارة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، ثم في أي جملة تلي ذلك يجب ذكر كلمة هما، مثلا حين القول بتتعهد الدولة بحمايتهما، وتفعيل ترسيمهما، والمساواة بينهما، وإدماجهما، وأما ما يرد في الدستور المغربي حاليا فلا ينم فقط عن غياب المساواة بين العربية والأمازيغية، بل يكشف كذلك عن وجود وهم اسمه ترسيم الأمازيغية، وما جعله كذلك هو بالذات ما يسمى بالقانون التنظيمي. ولتكريس تقييد ترسيم الأمازيغية لم يتم الإكتفاء بتقييده بقانون تنظيمي بل تم خرق الدستور وسيتم تعديل المخطط التشريعي، لإضافة قانون حماية اللغة العربية للقانون التنظيمي للأمازيغية، في تعميق واضح لسيادة العربية وعلو كعبها في مقابل دونية وتهميش الأمازيغية.
الأمازيغية أدمجت في التعليم وفي الإعلام ولو شكليا، قبل الدستور الحالي لكن المهم أن ذلك حدث من دون قانون تنظيمي، وبلا ترسيم، وهو ما كان يجب أن يحصل ألان فإذا كانت الأمازيغية لغة رسمية وإذا حذفنا القانون التنظيمي فإن ما يفترض أن يحدث هو أن يبادر كل قطاع وزاري بتفعيل ترسيم الأمازيغية عملا بمبدأ المساواة بينها وبين العربية، ولنأخد الإعلام مثلا، فبلا أي قانون تنظيمي ولاهم يحزنون بإمكان إدماج الأمازيغية في الإعلام من خلال إعطاءها نفس حصة العربية، وإذا كانت الدولة ستوفر الموارد المالية لتحقيق ذلك فهي قادرة كذلك على تكوين الموارد البشرية من خلال إدماج الأمازيغية في معاهد الإعلام، وتكوين الصحافيين الأمازيغيين العاملين بالقطاع. كل ذلك بقرارات لوزير الإعلام وحكومته. وهو ما حدث تقريبا فيما يتعلق بدفاتر تحملات الإعلام حاليا حيث نجد الأمازيغية مدمجة بشكل جزئي، قبل أي إقرار للقانون التنظيمي المزعوم.
ما ينطبق على الإعلام ينطبق على التعليم فوزارة التعليم بقرار للوزير قادرة على إقرار سياسة لإدماج تدريس الأمازيغية وتعميمه، وهذا الأمر كان ليحدث قبل سنوات لو تم احتراما لإتفاقيات الموقعة بين معهد الثقافة الأمازيغية ووزارة التعليم، ولو تم إعمال مبدأ المساواة بين العربية والأمازيغية أي قبل الدستور الحالي، وينطبق نفس الأمر على بقية دواليب الدولة فبقرارات وزارية وبسياسة حكومية يمكن تفعيل ترسيم الأمازيغية،دون الحاجة للحديث عن أي قانون تنظيمي، ما وجد إلا ليمنع أي تفعيل لعبارة الأمازيغية لغة رسمية، الواردة في دستور الدولة المغربية البعيد جدا عن أن يكون دستورا ديمقراطيا شكلا أو جوهرا.
بعض الأمازيغيين سقطوا في فخ المطالبة لسنتين بتنزيل القانون التنظيمي للأمازيغية، بدل التأكيد على ضرورة تفعيل ترسيم الأمازيغية وحذف عبارة القانون التنظيمي، أو على الأقل سن قانون تنظيمي يجمع بين العربية والأمازيغية، ويراعي المساواة المطلقة بينهما مع سن تمييز إيجابي للأمازيغية ضمن مرحلة انتقالية لتعويضها عن عقودالعنصرية والتهميش، رغم أن ورود ترسيم الأمازيغية في الدستور يجعل الحديث عن القانون التنظيمي ينتفي، إلا فيما يتعلق بإشارات المرور وغيرها من الشارات، أي يجب أن يقتصر على ترتيب الكتابة باللغتين الرسميتين، أي أيهما سيكتب بها أولا، أم هل ستكتبان بالموازاة، ثم تليهما لغة أجنبية، تلك اللغة الأجنبية التي يجب أن يتم استفتاء المغاربة على اختيارها كذلك، فلا أعتقد أن اللغة الفرنسية تم استفتاء أحد عليها لتكون اللغة الأجنبية الأولى بالمغرب واللغة الرسمية الثانية عمليا بعدالعربية، وبالمقابل تم استفتاء المغاربة على الأمازيغية. بل وتم ربط الأمازيغية بقوانين تنظيمية، وربط القوانين التنظيمية بقانون حماية اللغة العربية، لقد حان الأوان لكل من يحلمون بتنزيل الدستور أن يصلوا صلاة الإستنزال على وزن الإستسقاء لينزلها الله كما ينزل المطر، ما داموا قد صدعوا رؤوسنا بمصطلح تنزيل لسنتين ولم نر أي شئ ينزل، حتى ليخيل للمرء أن وهم القانون التنظيمي للأمازيغية هو أمرميتافيزقي ضمن الماورائيات  لا أحد يدري متى ينزل، لكن الكل مستعد للإنتظار كما ينتظر المؤمنون عودة المسيح. كذلك على هؤلاء أن يدعوا الله دعوة المظلوم بعد ربط صدور القانون التنظيمي للأمازيغية بقانون حماية اللغة العربية، وهنا نكتشف سبب تأجيل تفعيل ترسيم الأمازيغية، إذ لامبرر له غير الخوف على العربية المتوحشة التي لا يمكن لها أن تحيا إلا بقتل الأمازيغية.
لقد حان الأوان للفاعلين الأمازيغيين والتنظيمات الأمازيغية، لكي يناضلوا لتفعيل ترسيم الأمازيغية ورفض ربط دلك بأي قانون تنظيمي، أو على الأقل رفض أي ربط لدلك القانون بقانون حماية اللغة العربية، بل يتوجب أن يكون هناك قانون واحد للعربية والأمازيغية،إذا استحال تفعيل الأمازيغية مباشرة مع إعمال مبدأ المساواة الكاملة بينها وبين العربية، وسن تمييز إيجابي لصالحها تعويضا عن عقود العنصرية والتهميش.
إن المؤسسةالملكية والحكومة وحدهما  تتحملان مسؤولية تفعيل ترسيم الأمازيغية من عدمها، لأن فيما يحدث الآن التفاف على الإرادة الشعبيةالمزعومة، رغم أن الدستور الحالي بعيد عن أن يكون ديمقراطيا من حيث شكله أومضمونه أو الاستفتاء الذي أجري لتمريره، لقد دقت ساعة وضع حد للعبة رمي الكرة للبرلمان فالحديث عن القانون التنظيمي وإضافة قانون حماية اللغة العربية إليه ألان، ما هو إلا خدعة كبيرة ضيعت على الأمازيغية سنتين أخريين لم يتحقق فيهما أي شئ لصالحها، وسيتم تضييع سنوات أخرى بلا أي شئ، وأي إقرار لأي قانون تنظيمي يتعلق بالأمازيغية لوحدها، أوإقرار قانون لحماية العربية لوحدها، سيكون إقرارا لسياسة عنصرية جديدة تستهدف الأمازيغية،وتخرق مبدأ المساواة بينها وبين العربية، فإن كان سيكون ثمة قانون تنظيمي وقانون حماية فيجب أن تجمع فيه اللغتين، وأما أن يسير البعض على نهج منع الحديث بالأمازيغية في البرلمان، فذلك مرفوض تماما فالسادة النواب حين قرروا ذلك نسوا تماما أن ملايين الأمازيغيين لا يعرفون العربية من أصلها، لذا ما كان يجب القيام به هو إغلاق البرلمان لحين توفير وسائل ترجمة العربية إلى الأمازيغية والعكس، وليس أن تقتصر الترجمة على الأمازيغية فقط. تلك عنصرية ما بعدها عنصرية، وتقييد لاستعمال اللغة الأمازيغية  كان بالتأكيد من ضمن أهداف الذين ربطوا ترسيم الأمازيغية بالقوانين التنظيمية، ليربطوا تلك القوانين بقانون حماية العربية الأن.
يبدوا أننا في حاجة لتشكيل جبهة أمازيغية ترفض أقل من المساواة بين الأمازيغية، وترفض القوانين التنظيمية للأمازيغية، التي تستهدف تأجيل ترسيم الأمازيغية وتقييده،وإعاقته بقانون حماية اللغة العربية، لتصير الأمازيغية دوما دون مستوى العربية،ولنصبح على الأمازيغية لغة رسمية في الدستور وأقل من ذلك بكثير في الواقع، إنهم يسخرون منا نحن الأمازيغ وحان الأوان لتلتف كل مكونات الحركة الأمازيغية بالمغرب،حول الطرف الصحيح، وتتجنب تضييع الوقت مع صبية النضال، أو الطابور التابع لأحزاب عروبية تتواطئ اليوم لأجل هدف واحد، وهو إعادة الأمازيغ إلى مربع التهميش، ومواصلةالإبادة الثقافية واللغوية.
بشكل مستعجل ومنظم على كل أمازيغ المغرب أن يتحركوا، ويقطعوا مع الإتكالية والإنتظارية،  فمادامت عقود من نضال الأمازيغ لم تنتهي إلى إقرار حقوق لغوية وثقافية بسيطة، فإننا نتساءل عن كم الوقت الذي سيلزمنا للوصول إلى دولة ديمقراطية، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا،إذا استمررنا بنفس وسائل الاشتغال وبنفس الخطاب وبنفس التشتت التنظيمي، وبالإلتفات لجهات فقدت مصداقيتها بعد أن بشرت بنهاية عداء الجميع للأمازيغية، وها نحن اليوم نرى كذب إدعاءاتهم. إن الطريق إلى الحقوق الأمازيغية كان واضحا دوما، نرجوا أن نتمكن من السير فيه بالشكل الصحيح حتى النهاية مستقبلا. لأن الفشل لم يعد خيارا.

                                                                                                    ساعيد الفرواح             

ليست هناك تعليقات