DOC ظاهرة تشغيل الأطفال
أحد مظاهر تشغيل الأطفال في الهند
جاء اليوم العالمي لمحاربة ظاهرة تشغيل الأطفال ليضع هذه الظاهرة غير المقبولة والتي تم تجاهلها لفترة طويلة في بؤرة الإهتمام الإعلامي. المنظمات الدولية تحذر من تفاقم تشغيل الأطفال نظراً لإزدياد الفقر في العالم.
لا تزال ظاهرة تشغيل الأطفال تثير قلق العديد من الناشطين الحقوقيين نظراً لما تخلفه من أثار سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص. إلا أن محاربة هذه الظاهرة غير المقبولة يظل تحديا حقيقيا أمام كل المجتمعات في ظل ازدياد نسبة الفقر وانعدام الوعي الحقيقي بآثارها السلبية على فرص تطور الأطفال. كما أن هذه الظاهرة تتعارض مع مجمل القيم الإنسانية والأخلاقية التي تقوم على أساسها أغلب المجتمعات الحضارية اليوم. فمُزاولة الطفل للعمل في سن مبكرة تشكل تهديداً مباشراً لسلامته وصحته ورفاهيته وتقف حجرة عثرة أمام تلقيه التعليم المدرسي الذي من شأنه أن يوفر له مستقبلاً أفضل. وتصيب آفة عمالة الأطفال واحداً من كل 6 أطفال في العالم. وفي هذا السياق ينبغي الإشارة إلى أن تواجد معظم ضحايا عمالة الأطفال في الدول الفقيرة. وعلى الرغم من اختلاف أسباب انتشار هذه الظاهرة من دولة إلى أخرى، إلا أن ظروف تشغيل الأطفال غالباً ما تكون متشابه. ويُعزي الناشطون في المنظمات الدولية سبب اانتشار تشغيل الأطفال بالدرجة الأولى إلى جشع أرباب العمل وإلى الفقر المدقع الذي تعاني منه أسر هؤلاء الأطفال. والمدهش حقا هنا هو أن ظاهرة تشغيل الأطفال لا تنحصر فقط على الدول النامية أو المتخلفة، بل نجدها أيضاً في المجتمعات المتقدمة مثل ألمانيا. كما يُعتبر النظام الاقتصادي المُعولم جزءً من هذه المشكلة، ولو بشكل غير مباشر، فالعولمة ساهمت في تسريع حركة نقل رؤوس الأموال من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة التي تعد خزانا كبيرا لليد العاملة الرخيصة الشيء وهو ما يزيد من تفاقم هذه المشكلة.
الحاجة المادية سبب أساسي تفشي عمالة الأطفال
أطفال يعملون في أحد المعامل في باكستان
تبقى المشاكل الاجتماعية من أهم عوامل تفشي ظاهرة تشغيل الأطفال في الدول الفقيرة وذلك في ظل غياب الوعي الثقافي وانعدام رعاية الدولة في مجال الأمان الاجتماعي . فتفكيك الأسرة نتيجة طلاق الأبوين يؤدي إلى ترك الأطفال دون رعاية أسرية، وهو ما يضطرهم إلى البحث عن عمل من أجل كسب قوتهم اليومي. وتساهم الهجرة البدوية، أو ما يُعرف بظاهرة النزوح من الأرياف إلى المدن في تكريس الفقر وانتشار ظاهرة تشغيل الأطفال، حيث يعجز رب الأسرة عن سداد تكاليف دراسة الأبناء وتقديم ظروف معيشية ملائمة لهم نظرا لغلاء المعيشة في المدن. وفي ظل هذا الظروف يلجأ رب الأسرة إلى إرسال بعض أطفاله للدراسة والبعض الآخر للعمل من أجل تأمين القوت اليومي للأسرة. كما أن البرامج الاقتصادية تساهم ايضاً في تعقيد الوضع الاجتماعي حيث تؤدي إعادة برمجة هيكلة الإقتصاد الوطني، التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على الدول النامية بهدف إعادة تأهيل نظامها الاقتصادي، إلى انعكاسات اجتماعية سلبية، من بينها انتشار ظاهرة تشغيل الأطفال. فإعادة هيكلة الاقتصاد تشترط بالدرجة الأولى تقليص كم الإنفاق العمومي للدولة، وهذا يعني تخفيض دعم الدولة لقطاعات الصحة والسكن والتعليم. وخلال هذا التطور تتحمل الشرائح الاجتماعية الفقيرة على وجه الخصوص العبء الاقتصادي الناتج عن هذه البرامج، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر والاعتماد على دخل الأطفال في إعالة أسرهم.
مكافحة ظاهرة تشغيل الأطفال
يفتح غياب القوانين الرادعة والضرورية لمكافحة هذه الظاهرة، الباب على مصارعه أمام استغلال الأطفال كأيدي عاملة رخيصة. وفي ظل غياب الوازع العقلاني والأخلاقي يُحرم الطفل من حقوقه التعليمية والصحية والترفيهية. وفي هذا الشأن تتزايد الأصوات المنادية بتفعيل القوانين الكفيلة بحماية الأطفال من أبشع طرق الاستغلال، إضافة إلى استحداث آليات تطبيق جديدة لدعم التشريعات القانونية. ومن المعروف أن أغلب الدول العربية تعاني من تفاقم مشكل عمالة الأطفال، حيث أكدت بعض الإحصائيات أن قرابة 600.000 طفل مغربي، تتراوح أعمارهم بين 5 و14 سنة يزاولون أعمالاً لإعالة أسرهم. وتقر المنظمات الدولية صعوبة القضاء على هذه الظاهرة، وتُطالب الدول المعنية بتأهيل الهيئات المختصة بالدفاع عن حقوق الأطفال، والتي تعاني من ضعف إمكانياتها وخبراتها، إضافة إلى ضرورة توفير الغطاء المالي الكافي لها.
*
ليست هناك تعليقات